—
إسعافات طارئة لجسدك المشاعري
كثير ما يتم تشخيص المرض الجسدي وعزو أسبابة بعيداً عن الحالة النفسية والمشاعر، هناك ارتباط قائم ووثيق بين الحالة النفسية والجسد، فالمشاعر السلبية والضغوط والتراكمات سموم تترك أثرها في الجسد المادي والجسد له حد من التحمل وبعد ذلك يصرخ ويعبر عن حالته بظهور عرض أو اعتلال، وبعدها يتم التشخيص وعلاج العرض بدون المسبب..!
تذكر لنا لويز هاي في كتابها” القوة في داخلك” عن تجربتها مع مرض السرطان حيث تعرضت لويز لتحرش وتعنيف في طفولتها وأدى ذلك إلى كبت مشاعر غضب وحقد وشعور قوي بالمرورة تجاه والدتها وزوجها وعندما أكملت 15 من عمرها غادرت المنزل لنسيان ماحصل لها فهي لم تتخطى تجربتها السيئة ولكن هي بالحقيقة طمرتها وحسب.
فقد كانت الصدفة انها تفاجأت في أحد الأيام أنها مصابة بالسرطان تقول على لسانها ” في البداية أصيبت بالهلع ولكن لاحقاً أدركت أن السرطان كان نتيجة لامتعاضي الدائم ، فعندما نكبت مشاعرنا لفترة طويلة، تتجسد تلك الأحاسيس المسجونة بعطل معين في أجسامنا، بعدها عرفت أني كنت محاطة بجدار عالي البنية يفصلني عن مشاعري وأن علي أن أغوص في داخلي للبدء بالتغيير، غصت وتعرفت عَلى مشاعري واعترفت بالطفلة التي تكمن داخلي وتعاملت معها فأنا لم اتخطى ألمي بعد وبدأت فوراً ببرنامج شفاء ذاتي وراجعت طبيب نفسي ، وبعدها بدأت أشكر جسدي وأمتن له ،وعملت على الفهم والمسامحة ولذلك قمت باستكشاف الطفولة التي عاشها أهلي حتى فهمت كيف عُوملوا في صغرهم فقد تعرض زوج أمي لتحرش في صغره فتابع بنفسه هذا النوع من الإساءة وأمي تلقت تربية في صغرها علمتها أن الرجل دائماً على صواب فقد سمح لي فهم حياتهم ببدء عملية مسامحتهم و كلما سامحت أهلي كلما تمكنت من مسامحة نفسي وهذا أهم ما يكون.
وكثير من النساء تصاب بالعلل والأمراض بعد خيانة زوجها لها فهي تحمل باستمرار مشاعر ضغينه وحقد وكره ورغبة بالانتقام بشكل دائم ولا تعطي هذه المشاعر حقها بالتعبير والخروج كل ماتفعله طوال الوقت هو اجترار المشاعر السيئة وتذكر المواقف والامتعاض تجاه هذا الزواج، شبه أحد الأطباء اجترار المشاعر المؤلمة بتمرير سكين حادة على جرح فتظل عالقة بدوامة تستنزف منها طاقتها وتعيد مشاعر الألم إليها باستمرار.
وقس على ذلك جميع أنواع الخسائر أو النزاعات وكل مايولد مشاعر سلبية.
لذا عليك ان تقوم بالتطهير المشاعري كيف؟
أتصور أن من أبسط حقوقك أن تعبر عن مشاعرك أن تطلقها حرة كما تريد إن كنت تريد الصراخ أو الركض أو ترغب بالكتابة أو الرسم أو مصارحة من أغضبك أو قراءة القرآن تعامل معها كما ينبغى المهم أن تحذر الكبت، تخلص منها وخذ وقتك إن كانت تحتاج ساعة إلى عدة أشهر حتى تشعر أن تلك الطاقة السامة نفد مخزونها بداخلك.
بعدها افهم أن الحياة عبارة عن حكاية تحوي العديد من الفصول فليس بالضرورة أن ينتقل معك نفس الأشخاص أو الوضع الذي كنت عليه للفصل الآخر فهي حكايتك أنت فعندما تفقد شخص أو تخسر مال أو تطرد من وظيفة فهذا يعني بداية فصل آخر من روايتك المسلية، ففكرة السماح بالرحيل السماح بالخسارة وعدم التعلق توصلك لحالة من الحياد والسلام، الألم العاطفي الناجم عن الفقدان ينشأ من التعلق بحد ذاته وليس مما تم فقدانه، وقد تكون الخسارة تمثل الحرية والانفتاح على خيارات جديدة.
وأيضاً لابد ان تفهم ان المتضرر الأول من المشاعر الحاقدة ورغبة الانتقام هو أنت استشهاداً بقول الإمام الشافعي (لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ .. أرحت نفسي من هم العداوات) فعندما تحب ذاتك بما يكفي وتحتويها لن تسمح أن يحمل قلبك الصغير نفايات الآخرين، وقدم الكثير الكثير من الأعذار للأخرين من أجل نفسك، فخلاص الإنسان هو من خلال الحب وفي الحب.